العقل الباطن: الانسان الذي لا يموت (1 من 3)
########################هل سبق لك ان قمت بفعل شيء لا تدري بالضبط لماذا فعلته؟ هل تجد نفسك مدفوعا لقول/او فعل شيء عشوائيا ولا تجد دافعا منطقيا حاضرا لذلك؟ هل تجد ان "احساسك" يخبرك احيانا ان هذا الامر المعين ليس كما يبدو عليه؟؟ هل لديك "الحاسه السادسه"؟؟
لا شك انك سمعت وقرأت -كثيرا- عن مفردة العقل الباطن/الخفي/اللاواعي .. فهي احدى التعابير التي تشكل "حضورا دائما" في كل ما يتعلق بدراسة وتفسير الظواهر الاجتماعيه .. الجماعيه منها والفرديه .. حتى انه يكاد أن يكون ناقصا كل بحث اجتماعي/نفسي لم يتطرق لتأثير العقل اللاواعي على الظاهره المعنيه ... فماهو هذا العقل الباطن؟؟ وكيف يعمل؟؟ وفيم يظهر تأثيره؟؟
يقول العلماء انك حينما تنجب طفلا فانت لا تعطيه وصفة جيناتك "الفيزيوحيويه" فقط .. انما في حقيقة الامر انت تعطيه وتمرر له جميع تجاربك في الحياه .. تلك التي ورثتها عن اسلافك وتلك التي عايشتها انت و تركت بصمه على شريطك الجيني .. بمعنى ان هناك كم هائل من المعلومات والمعادلات والوصفات والنتائج حول كيفية التصرف تنتقل اتوماتيكيا منك الى طفلك .. ولكنها تنتقل كمواد خام -ان جاز التعبير- ولا يستطيع العقل الواعي لطفلك الذي انجبته فك طلاسم هذه البيانات وفهمها .. لكنها تتحكم فيه بالكامل في نهاية الامر .. وهي تظهر على شكل سلوكيات يقوم بها الطفل دون ان يدري لماذا او مالهدف منها .. وهي ما يعرف اصطلاحا بالسلوك الغريزي او "الغرائز" اختصارا .. وفي شرحها هي عباره عن سلوكيات موروثه يقوم بها العقل الباطن اينما ووقتما توفرت ظروف معينه يعلم هو -بحكم خبرته- انها الظروف المناسبه للفعل المناسب.
يقسم العلماء العقل البشري -مجازا- الى طبقات .. طبقات عليا وطبقات سفلي .. الطبقات العليا هي عقل الانسان الذي نعرفه .. هي العقل الذي يتكلم و"يبدو" متحكما ومسيطرا على مجريات الاحداث طالما ان الانسان "واعيا" .. اما الطبقات السفلى فهي تشكل "مترسبات" العقل الواعي -ان جاز التعبير- على مر التاريخ .. وكلما ازداد السلوك المعين رسوخا -عبر الاجيال- اصبح في طبقات اسفل من غيره.. حتى انه توجد في اسفل هذه الطبقات جميع الغرائز والدوافع الاساسيه للانسان .. ولو تمكن العقل الواعي من الاتصال بهذه الطبقات لربما وجد دوافع الحياه "واضحة امامه" .. ولكن العقل الباطن لا يتكلم ولا يناقش .. هو فقط يفعل .. على عكس العقل الواعي الذي يفكر .. يقارن ويحلل و "يمنطق" .. ويغامر مكتشفا الجديد .. ويتخذ القرارات .. لذا فالعقل الباطن يشكل مستودع معلومات وتعليمات ضخم .. تماما كذاكرة -الروم ROM- في الهواتف الذكيه .. لا يمكن التفاوض معها او مناقشتها ولكنها تملي على الجهاز ماذا يفعل اذا حدث هذا او ذاك.
ولتوضيح الفكره يشبه العلماء جزءي العقل البشري -الواعي واللاواعي- في طريقة عملهما "بالقرد الذي يعتلي فيلا" ليوجهه .. فالعقل الواعي يمثله الجزء الاصغر عديم التجربه "القرد" .. اما العقل اللاواعي فيمثله الفيل بكل ضخامته وخبرته وبروده .. وهما دائما في حالة شد وجذب .. فالقرد ممسك بالقياده و باتخاذ القرار ويحاول توجيه الفيل الى الوجهه التي يريدها .. ولكن في الغالب يصل الفيل الى حيث اراد هو.
هذا العقل اللاواعي يمثل عصارة تجارب/اخطاء/نجاحات الجنس البشري .. او ما يعرف بالجانب الذي "لا يموت" .. فالحقيقة -المدهشه- هي أن .. هناك في داخلك "انسان حي" يعيش منذ الانسان الاول وحتى يومنا هذا .. هو يعرف اكثر مما تعرف .. لذا قد يدفعك احيانا لفعل امور لا تجد تبريرا لها سوى أن "احساسك قاليك" او "حكمت معاك".
إرسال تعليق