الانكار هو التفادي .. الالتفاف .. التواري .. غض الطرف عن مواجهة القضيه/ الحدث/ الاتهام/ الفكره .. هو لعبه عقليه يلعبها الفرد على نفسه للتعامل مع الوقائع التي "تهزم" رؤيته للاشياء وتزعزع "قناعاته" الداخليه والتي يعتبرها لسبب ما راسخه وثابته .. تلك الوقائع التي تتطلب اطفاء عمل "الانتي فايروس" الداخلي اولا قبل التعامل معها و تثبيتها وتشغيلها.. وعلى الرغم من ان هذا الفرد -الناكر- يرى نفسه مقتنعا ببطلان هذه الوقائع و القرائن الصادمه له الا انه يجد نفسه في حقيقه الامر لا يملك من الدفوعات المنطقيه ما يدحضها ويفندها -ان كان يملكها فهو ليس ناكرا وانما صاحب فكره اخرى- .. وللخروج من مأزق "رفض الفكره/عدم وجود دفاعات تجاهها" المحرج هذا يلجأ هذا الفرد لاتباع اساليب "تتفادى" مواجهة القضيه والخوض فيها .. فتجد كل حواره ونقاشه ينصب حول فكره واحده وثابته .. وهي تجنب المسأله المطروحه نفسها والتركيز على "حواشي" هذه المسأله او الانتقال لمسأله اخرى قد ترتبط او لا ترتبط بالموضوع المطروح.. وبهذه الطريقه لن يكون للنقاش فائده ولن تكون له مخرجات ذات معنى.
من ناحيه علميه "عامه" يقول علماء الانسان ان الانكار كان -ولا يزال- وسيله فعاله يستخدمها الانسان "لا شعوريا" في الاوقات العصيبه للحفاظ على "اتزانه" الداخلي من الانهيار او لكسب مزيد من "الوقت" للتأقلم مع الوضع السيئ المستجد .. مثلا عند فقد عزيز او مقرب فقدا مفاجئا تصبح عملية تصديق وتقبل هذا الفقدان داله في الزمن بصوره اساسيه .. كما ان في الاحداث العظيمه والتغييرات الكبيره يكون الانكار هو سيد الموقف في بادئ الامر .. ثم يقل تدريجيا حسب عظم الحدث وتأثيره .. فأخيرا مثلا اقتنع البشر بكروية الارض بعد نقاشات "سفسطائيه" استمرت مئات السنين.. ولكن ايضا وبعد مرور 45 عاما على رحلة ارمسترونق لايزال هناك من ينكر وصول الانسان للقمر.
من ناحيه علميه "عامه" يقول علماء الانسان ان الانكار كان -ولا يزال- وسيله فعاله يستخدمها الانسان "لا شعوريا" في الاوقات العصيبه للحفاظ على "اتزانه" الداخلي من الانهيار او لكسب مزيد من "الوقت" للتأقلم مع الوضع السيئ المستجد .. مثلا عند فقد عزيز او مقرب فقدا مفاجئا تصبح عملية تصديق وتقبل هذا الفقدان داله في الزمن بصوره اساسيه .. كما ان في الاحداث العظيمه والتغييرات الكبيره يكون الانكار هو سيد الموقف في بادئ الامر .. ثم يقل تدريجيا حسب عظم الحدث وتأثيره .. فأخيرا مثلا اقتنع البشر بكروية الارض بعد نقاشات "سفسطائيه" استمرت مئات السنين.. ولكن ايضا وبعد مرور 45 عاما على رحلة ارمسترونق لايزال هناك من ينكر وصول الانسان للقمر.
على كل حال ما يهمنا هنا -في هذا المقام- هو كيف يظهر هذا الانكار -انكار الفكره- اثناء الحوار او النقاش؟ كيف يمكنك ان تحدد ان ما قيل لك هو مجرد تعبير عن "انكار داخلي" يخص القائل وحده .. تعبير ناتج عن مخرجات برمجيات التشغيل الخاصه به.. ولا يعتبر رأي منطقي مبني على دفوعات منطقيه وتحليل منطقي ملتزم .؟؟ .. الاجابه بسيطه للغايه: كل نقاش ينتهي دون "الخوض" و "الولوغ" والتوحل في مستنقع القضيه المعنيه هو مجرد تعبير عن حالات انكار داخليه فقط .. كل اختلاف في نقاش لايعتمد على المنطق يكون تعبيرا صادقا عن حالة "الوقوف ضد/ عدم معرفة لماذا ضد".. ولا ينتج عنه شيئا واضحا..
ساذكر هنا "بعض النماذج" التي واجهتني لحالة "انكار-الفكره-هكذا-فقط" اثناء النقاش وطبعا انتهى النقاش فيها دون ان نلج في القضيه!
ساذكر هنا "بعض النماذج" التي واجهتني لحالة "انكار-الفكره-هكذا-فقط" اثناء النقاش وطبعا انتهى النقاش فيها دون ان نلج في القضيه!
الاتهام بالتعميم لانكار الظاهره: اكثر التكتيكات شيوعا وانتشارا.. وهو ان يقوم المناقش/المجادل بتوضيح ان ما ذكرته لا ينطبق على كل الحالات .. ويذكر لك حالات لا تتفق مع ما ذكرت.. وبالتالي فان هذا يؤهله ليقل لك بكل ثقه ان ما قلته غير صحيح.
و كمثال على ذلك ان تتحدث انت عن ان ظاهرة هجرة الشباب السوداني للخارج اضحت ازمه ينبغي مواجهتها .. فيخبرك مناقشك ان ما ذكرته معمم جدا ولا ينطبق على كل الحالات.. فلا زال هناك مئات الالاف من الشباب بل الملايين منهم موجودين بالداخل .. ومع ان حديثه صحيح إلا انه لا ينفي وجود المشكله .. ولكن ينتهي نقاشك معه دون التطرق للمشكله التي تظل قائمه حتى بعد انكارها.
وعلى الرغم من عقم هذا المنطق الواضح الا انك تجده في كل حديث او نقاش على مستوى الفرد السوداني وهو يهدف في الاساس لتجنب الحديث في القضيه .. بافتراض عدم وجودها من الاساس.
و كمثال على ذلك ان تتحدث انت عن ان ظاهرة هجرة الشباب السوداني للخارج اضحت ازمه ينبغي مواجهتها .. فيخبرك مناقشك ان ما ذكرته معمم جدا ولا ينطبق على كل الحالات.. فلا زال هناك مئات الالاف من الشباب بل الملايين منهم موجودين بالداخل .. ومع ان حديثه صحيح إلا انه لا ينفي وجود المشكله .. ولكن ينتهي نقاشك معه دون التطرق للمشكله التي تظل قائمه حتى بعد انكارها.
وعلى الرغم من عقم هذا المنطق الواضح الا انك تجده في كل حديث او نقاش على مستوى الفرد السوداني وهو يهدف في الاساس لتجنب الحديث في القضيه .. بافتراض عدم وجودها من الاساس.
الاتهام بالاسقاط الشخصي: وهو تكنيك انكار اكثر فعاليه من سابقه ولكنه يستند على منطق اقل ذكاء .. فهو باختصار يقوم بانكار الظاهره ليس بناء على جدلية وجودها /او عدم وجودها في المجتمع و انما باتهامك بانك تتحدث عن نفسك وما حولك فقط.
كمثال على ذلك ان يتحدث شخص ما بان عدد "الحراميه" في مدينه الخرطوم زاد بصوره كبيره في السنين الاخيره -وهي حقيقه ماثله بالمناسبه- فيأتيه الرد بعيدا عن حقيقة وجود/او عدم وجود الظاهره هذه انما يتم اتهامه بانه انما يتحدث عن نفسه ومحيطه .. فان كان فعلا يتحدث عن نفسه ومحيطه او لا فقد تم تجاهل الحديث بنجاح .. وبالتالي ينتهي النقاش دون الخوض في القضيه اساسا ودون ايجاد تحليل وحلول لها.
كمثال على ذلك ان يتحدث شخص ما بان عدد "الحراميه" في مدينه الخرطوم زاد بصوره كبيره في السنين الاخيره -وهي حقيقه ماثله بالمناسبه- فيأتيه الرد بعيدا عن حقيقة وجود/او عدم وجود الظاهره هذه انما يتم اتهامه بانه انما يتحدث عن نفسه ومحيطه .. فان كان فعلا يتحدث عن نفسه ومحيطه او لا فقد تم تجاهل الحديث بنجاح .. وبالتالي ينتهي النقاش دون الخوض في القضيه اساسا ودون ايجاد تحليل وحلول لها.
المطالبه بالتفويض:
وهو من اوضح اوجه الانكار وتفادي القضيه .. مستخدم هذا التكنيك يطالبك "بتفويض وهمي" غير موجود من جهه غير معلومه.. هو يعلم انك لا يمكنك الحصول عليه .. تفويض يمنحك حق الحديث حول الظاهره المعينه ..
فمثلا كنت قد وضعت عنوان هذا الحديث في البدايه كالاتي "اوجه الانكار عند المناقش السوداني" عنوان الحديث هذا سيكون كافيا للكثيرين لدحض محتواه ابتداء.. فمن اعطاك الحق للحديث عن تفاعلات النقاش السوداني؟!!
وبالتالي ينتهي النقاش دون الخوض في القضيه!
وهو من اوضح اوجه الانكار وتفادي القضيه .. مستخدم هذا التكنيك يطالبك "بتفويض وهمي" غير موجود من جهه غير معلومه.. هو يعلم انك لا يمكنك الحصول عليه .. تفويض يمنحك حق الحديث حول الظاهره المعينه ..
فمثلا كنت قد وضعت عنوان هذا الحديث في البدايه كالاتي "اوجه الانكار عند المناقش السوداني" عنوان الحديث هذا سيكون كافيا للكثيرين لدحض محتواه ابتداء.. فمن اعطاك الحق للحديث عن تفاعلات النقاش السوداني؟!!
وبالتالي ينتهي النقاش دون الخوض في القضيه!
الاتهام بتجاهل الايجابيات والتركيز على السلبيات: وهو شائع وواضح .. مستخدم هذا التكنيك يفترض افتراضا غريبا .. وهو ان وجود الايجابيات -يلغي- وجود السلبيات .. ويقوم بتحويل النقاش من السلبيات الى الايجابيات .. فلو قلت ان هناك ازمة مواصلات بالخرطوم-وهي حقيقه ينبغي نقاشها- اجابك بانه لماذا لا نناقش استقرار التيار الكهربي بالخرطوم؟ ولو تحدثت عن مشاكل الشخصيه السودانيه اجابك بلماذا لا تتحدث عن الكرم والشهامه و.. الخ؟؟ .. وينتهي النقاش دون الحديث عن الظاهره التي ذكرتها - كعادة كل تكنيكات التفادي.
تصنيف حديثك ك"كلام مثقفاتيه": احدث اساليب الالتفاف على النقاش و أكثرها غرابه .. وفيه يقوم المناقش بتصنيف حديثك وفقا لمقاييس غير مرئيه -يراها هو- بأنه "كلام مثقفاتيه" .. وبالتالي انعدمت قيمة حديثك من وجهة نظره.. فان كان حديثك كلام مثقفاتيه فعلا او غير ذلك .. فقد تم تجاهل وتفادي القضيه مسبقا .. يستخدم هذا التكنيك في العاده حينما يكون حديثك مرتبا بصوره تفضح كل اساليب عدم المواجهه السابقه .. ويكون هو الملاذ الاخير لانهاء الحوار دون الخوض فيه!
على كل.. لا أحد يمكنه على وجه الدقه ان "يدعي" ان نقاشا معينا هو نقاش "منطقي تماما" .. ولكن مما لا شك فيه انه يمكن و-بسهوله شديده- تحديد ان نقاشا اخر هو نقاش غير منطقي تماما .. "مجرد مغالطه" لانكار او تفادي او تجنب فكره او حدث معين.
اخيرا .. فإني ارى ان أس الازمه في هذه البلاد هو ان النقاش فيها حول "اي شئ" لا يستمد من المنطق مقدار حبة خردل.. لذا تظل مشاكلها حاضره كما هي دوما .. فحقيقة .. إن لم يستقم النقاش منطقيا لن تستقم المخرجات منطقيا كذلك!
إرسال تعليق