الرئيسية » » الطاهر ساتي : تعبيرهن صادق .. ( جداً )

الطاهر ساتي : تعبيرهن صادق .. ( جداً )

تم النشر يوم الأحد، 26 أكتوبر 2014 | 11:12 ص


:: قبل خمس سنوات، عندما إرتفع حجم ضحايا مجازر سلاطين الحكم وتجار الحرب في كينيا عقب الإنتخابات، أعلنت جماعة نسائية هناك عن وسيلة إحتجاج غريبة، ثم حرضت نساء كينيا إلى الإقتداء بوسيلتهن و العمل بها لحين إنتهاء صراع الساسة ومجازرهم.. الإضراب عن الجنس لحين إنتهاء الأزمة، أوهكذا أسمت النساء حملتهن التي وجدت رواجاً إعلامياً واسعاً..وتناولتها الصحافة الغربية بقدر عال من الدهشة والسخرية، ربما لجهلها بأن هذا السلاح هو الأقوى تأثيراً ، ليس في حُكام كينيا فحسب، بل في مُعظم عقول رجال دول العالم الثالث و.. الأخير طبعاً..!!
:: واليوم، وكأن القدوة هي كينيا وما دونها من دول العالم الثالث، لم تجد نساء دولة جنوب السودان من وسائل التعبير المشروعة والمعقولة عن رفضهن للمجازر التي يتركبها سلاطين الحكم وتجار الحرب في شعب بلادهن غير وسيلة (الإضراب عن الجنس)، كما فعلت نساء كينيا ..نعم، هن جماعة نسائية تضم أكثر من تسعين ناشطة في العمل العام، وبينهن نائبات في البرلمان، إجتمعت وناقشت الأزمة وكيفية التعبير عن رفضها و إرغام سلاطين الحكم وجنرالات الحرب عن تجاوزها، ثم قررت طرح وسيلة إقناع كل النساء بجنوب السودان بالإضراب عن الجنس..وكالعادة، يجد تعبيرهن هذا رواجاً في وسائل الإعلام، وخاصة الغربية، ولكنه رواج مغلف بالدهشة والسخرية ..!!
:: وعليه..بغض النظر عن رفض هذه الوسيلة الإحتجاجية أو قبولها، فأن إنتقالها من كينيا إلى جنوب السودان بهذه السرعة، وربما تتسع دائرة إنتشارها بحيث تصبح وسيلة الإحتجاج الأولى في افريقيا والعالم العربي، فان هذا النوع من التعبير يعكس بوضوح حجم الهوس الجنسي المعشعش في عقول وقلوب سُكان إفريقيا والعالم العربي، وما التعبير هذا إلا بعض الضوء الكاشف لهذا الهوس ..وعلى سبيل المثال، حين يكون التعبير إضراباً عن الطعام والشراب، فهذا يعني أن المجتمع - بمن فيه سلاطينه - على قدر من الإنسانية التي تتأثر بجوع هؤلاء وعطشهم، وكذلك تتوجس على موتهم .. وهكذا ..!!
:: ولكن حين تعلن النساء الإضراب عن الجنس، كما الحال بكينيا وجنوب السودان، فهذا يعني أن الإنسان الشرقي - إفريقياً كان أو عربياً، وزعيماً سياسياً كان مواطناً من عامة الناس - مصاب بهذا (المرض النفسي)، أي مرض إختزال الكون في شهوة الجنس ..وربما كان نزار قباني أصدق الشعراء في التعبير عن حالة الهوس الجنسي التي تسيطر على العقول وتمنعها عن التفكير في (غير الجنس)..وقالها بصدق : ( في حارتنا ثمة ديك عدواني، فاشستي، نازي الافكار/ سرق السلطة بالدبابة، وألقى القبض على الحرية والأحرار/ الغى وطنا، ألغى شعباً، ألغى لغة، ألغى أحداث التاريخ، وألغى ميلاد الأطفال، وآلغى أسماء الأزهار..!!
:: ثم، وكأنه أراد أن يوجد عذرا وتبريراً لوسيلة تعبير نساء كينيا و جنوب السودان، أضاف قباني واصفاً حُكام العالم الثالث، والحاكم العربي نموذجاً فقط لاغير : ( في حارتنا ديك يلبس في العيد القومي لباس الجنرالات/ يأكل جنساً، يشرب جنساً، يسكر جنساً، يركب سفناً من أجساد ويهزم جيشاً من حلمات).. وهكذا هم ( فعلاً)، جنسيون لحد تجاوز المثنى والثلاث والرباع إلى ما ( كل ما لذ وطاب)، وليس في الأمر عجب، إذ هم الذين اعتلوا سدة السلطة بسلالم ( الإغتصاب).. ولذلك، لم يعد هذا النوع من التعبير النسائي - الصادق جداً - مدهشاً إلا في أذهان من لايعرفون بأي الرؤوس تفكر السواد الأعظم من هذه البشرية - حاكمة كانت أو محكومة - في هذا العالم الثالث و.. الأخير طبعاً..!!


________________
الطاهر ساتي - فيس بوك

شارك الموضوع :

إرسال تعليق

 
جميع الحقوق محفوظة لموقع (عين السودان) الإخباري الوثائقي