الهندي عز الدين |
غير أننا ما زلنا في انتظار الكثير، فالتأرجح المستمر في أسعار صرف (الدولار) والعملات الأجنبية الأخرى مقابل (الجنيه) السوداني، ما زال يمثل السمة الأساسية لوجه الاقتصاد السوداني المصاب بالبثور والكدمات.
إلى متى يصعد (الدولار) إلى (8.4) جنيهات ثم يهبط إلى (8.2) جنيهات.. سيدي "عبد الرحمن حسن عبد الرحمن"؟! هل سلمتم واستسلمتم لهذه الأرقام غير الحقيقية؟! أليس هناك من أمل لكبح جماح هذا الوحش المفترس؟! هل عجزتم – جميعاً- عن إيقاف المد المتلاحق وإرجاعه إلى شط السعر الرسمي بحيث لا يتجاوز سقف الـ(6) جنيهات؟!
لقد ظل الراحل الكبير وزير المالية الأسبق الدكتور "عبد الوهاب عثمان" يكتم أنفاس (الدولار) من العام 1996م وحتى العام 2000م، إلى أن تقارب السعر (الرسمي) مع سعر السوق (السوداء) في زمن لم تكن فيه بلادنا تنتج (بترولا) ولا (ذهباً)، وكانت الحرب مشتعلة في كل الجبهات من (الجنوب) وإلى حدودنا مع "إثيوبيا" و"إريتريا"، وكانت العلاقات متوترة مع السعودية ودول الخليج و"مصر" و"ليبيا" و"أمريكا" طبعاً.. وكل أوروبا..!! وقتها كانت حكومتنا تطرد السفيرين "الأمريكي" و"البريطاني" – كليهما- ثم لا يرتفع الدولار "خمسة قروش"!
الآن.. يرتفع الدولار (جنيهاً) كاملاً إذا سقطت بلدة داخل حدودنا، أو داخل حدود دولة (جنوب السودان)!!
لم يكن السودان قد اكتشف البترول لا في (شماله) ولا في (جنوبه).. كانت الدولة (أفقر) بمراحل من فقرها الآن، وكانت (محاصرة) أشد من حصار اليوم، ولا مقارنة، ولكن كانت هناك إرادة ..عزيمة وجدية.. بساطة وتقشف ونفوس طاهرة ومثالية.. صادقة ومتجردة.
ما الذي يجعل (الدولار) في السودان بهذا القدر من (التعالي) على اقتصادنا دون بقية اقتصادات المنطقة بما فيها الأكثر فقراً منا.. إريتريا وإثيوبيا .. وجيبوتي والصومال؟!
إنه عجز الإدارة.. وانحسار قيم التفاني والتجرد لصالح الدولة على حساب (الفرد) و(المجموعة)..
ولكن العكس هو ما يحدث.. مصلحة (الذوات) الدنيا تعلو على المصالح (العليا).. فتتراجع (الأولويات) في الصرف، وتتقدم (الهامشيات).. فيرتفع (الدولار) ولا ينخفض!!
سادتي. إلى متى يظل السودان هو الدولة الوحيدة التي تزيد فيها أسعار النقد (الأجنبي) كل صباح.. ليصير السودانيون – دون بقية خلق الله- الأكثر ألماً ومعاناة!! إلى متى؟! (عن المجهر السياسي)
إرسال تعليق